حين واجهْنا ولد عبد العزيز ، كنّا نعرف جيدا ثمن المواجهة لدى من هم أعدل و أعقل و أفضل منه . كان يملك كل شيء ؛الحكم و المال و الأمن و القضاء و كل وسائل و صلاحيات القوة القهرية و فيالق المنافقين .
كان يُسخِّر كل شيء لطحننا، متجاوزا كل القيم و الأعراف و القوانين و الأخلاق ؛ لم نبك و لم نشتك و لم نتهم ذبابة بالتنكر لعادات الذباب .
كانوا يتراقصون على نيران صولتهم و كنّا نحسب عمر اشتعال الخشب ..
همشتنا عصابة الأشرار.. اطهدتنا .. منعتنا من تجديد أوراقنا المدنية .. طاردتنا في المنافي ، متفننة في كل أنواع التنكيل بأقل قدر من إحساس ..
كانت كل ضربة لا تقتلنا تزيدنا صلابة (كما قال م. درويش) و تزيدهم رعبا و ارتباكا ..
كنّا في حدود أصابع اليد و كانوا في حدود آثام أياديهم القذرة..
تذكروا حين تتهموننا اليوم بالحقد و الحسد و معاداة عزيز و عصابته ، أنكم تعيروننا بما نفتخر به بالضبط :
- كيف لا نحقد على من احتقر شعبنا و أذل كرامه؟
- كيف لا نكره من دمر بلدنا و نهب خيراته ؟
- أما الحسد ، فنترك للزمن الرد على مردديه حتى يستدركوا عَلامَ نحسده !؟
ظلت ضربات المعارضة في الخارج تقض مضجع العصابة و ظل تخوينها و نعتها بالعمالة و تتفيه دورها و التهكم من "وجع" خيباتها ، أغنية سهرة ذباب القصر ال"بلا صباح".
اليوم ها نحن نوقعكم في ما كنّا نتوعدكم بالضبط . فكونوا رجالا : لم نعد نسمع منكم غير عويل النساء .. لم نعد نرى منكم غير وعيد الجبناء.. لم يعد يردنا من أخباركم المأزومة غير ترنح السعد ولد لوليد على خشبة رباط بلا خيول و لا سيوف و لا وجهة تاريخية معلومة.!
سيُلقَى بولد عبد العزيز في السجن و سيليه من يليه حتى آخر جرو في مؤخرة مغارة العصابة..
سيُعزف نشيد الوطن الأثيل على جثة أغنية شعراء بلاط هبنقة و ترفرف رايته الخضراء خفاقة فوق هامات حراس الذاكرة و الوجدان، ليفهم الجميع أن لا فضل لأي منهم غلى موريتانيا ، إن فضل موريتانيا على الجميع..
إن سجن المجرم عزيز غاية في حد ذاته ، لأنه سيعلم من يمسكون التاريخ من ذيله أنه لا بد أن يلدغهم. و تلك أهم رسالة نوجهها اليوم إلى كل من سيحكمون موريتانيا من بعده؛ فالتاريخ لا يعيد نفسه إلا حين لا تفهمه الناس من المرة الأولى؛ نعم، لقد فهنا التاريخ.