لايهتم الرئيس غزواني بالإعلام المحلي اهتمامه بالإعلام الخارجي ومع ذلك فإن جوهر المقابلات دائما يتمحور حول الوضع الداخلي للبلد !
صحيح أن تطورات الوضع الداخلي تترك الكثير من الأسئلة العالقة بالذهن على نحو يتطلب توضيحا من الرئيس عبر الإعلام الداخلي ؛كما لدى إعلامنا خصوصيته في الأسئلة وبالنسبة للجمهور المتلقي الأمر الذي يجعل اللقاءات الصحفية المحلية ذات أهمية مضاعفة بالنسبة للإتصال بالمواطنين ولغلق الباب أمام المماحكات التحريفية والتأجيج المتصل بغياب المعلومة الموثوقة،وحتى - وهذا أمر في غاية الأهمية -أن لا يصل الصحفي والمواطن لهذه الدرجة من التعطش لرأي الرئيس ويضطرون لترجمة مقابلة مع صحف أجنبية أجريت هنا بين ظهرانيهم ،فعلى الرئيس وهو يلتقي ثلاث مجموعات من الصحافة الأجنبية أن يعقد لقاء موسعا بالصحافة الوطنية. .
قرأت مقابلة الرئيس غزواني مع صحيفة جون آفريك وخرجت بالملاحظات التالية :
تدلك الأجوبة على عدة أمور وملاحظات تمثل مميزات خاصة لشخصية غزواني :
- أولا حجم ما يتمتع به من تركيز ،فلايوجد أي حشو في أجوبته مع القدرة الفائقة على الإختزال ورغم أن الأسئلة مفاجئة والأجوبة فورية .
- القدرة على اللعب بالمحاور(الصحفي) مهما كانت صرامته في انتزاع الأجوبة دون أن يشوب مسلكه أي خروج عن أصول اللباقة ولا الدخول في جدال وهذا يعني القدرة على إدارة الحوار .
- سعة الإلمام بالوضع بشقيه المحلي والخارجي في ضوء فهم للتصورات العامة بحيث يأتي الجواب على نحو لا يتوقعه أحد، وعادة ما يحمل رسائل واضحة وصريحة .
وهكذا كشف الحوار عن درجة عالية من الرزانة والفطنة لكن كشف أيضا إمتلاك غزواني لزمام القرار وكأنه يمتلك خارطة في ذهنه عن مايريد فعله وضعها في مكان لايرقى له معاون ولا صديق!
لاترى خلال المقابلة أي نقص في دقة الأجوبة ولا في شمولية الأسئلة بحيث لا يعود المحاور للسؤال ،لأنه يحصل على جواب ،لايهم موقفه منه، لكنه في الواقع يعد جوابا كافيا وهذا نادر في الحوارات الصحفية كما لايترك جوابه أي ثغرة قد تقود الصحفي لسؤال وليد وهذه براعة لم أصادفها في الأحاديث الصحفية .
الأسئلة المتعلقة بالخارج تتمحور عادة حول الوضع الأمني وبعض العلاقات الخارحية ورغم أن المواقف الحقيقية تمر عبر القنوات الأمنية والديبلوماسية وليست موجهة للرأي العام فإن غزواني يحاول أن يعبر عن موقف الدولة حيالها بوضوح دون لف ولا دوران ودون أن يميل عن رأيه الشخصي:مثل القضية الفلسطينة،ومثل قضية دول الساحل ومثل مسألة الإنقلابات ،كما أن أجوبته على درجة عالية من الدبلوماسية واحترام الشأن الداخلي للدول والشعوب الأخرى ،مع تحميلهم المسؤولية في ثنايا تثمين وعيهم بمصالح بلدانهم ،ودون أن يغيب إنشغال موريتانيا بتلك الأمور ولا إختفاء دورها من دون وصاية ولا إعطاء للدروس أي دون إزعاج لأحد .
لم يعطي غزواني أي تفسير مبتذل ولم يقفز على الأوضاع،
كما لم يسعى لتعظيم دوره خلال الأجوبة التي تتعلق بمسؤولياته،ولا أن يظهر وكأنه ينظر من أعلى ، بل يحاول إخفاء أدواره على طريقة (إترزك) وبنفس القدر لا يستطيع إخفاء قوته وحضوره وأكثر من ذلك مركزه في تلك المسارات فمعروف أهمية موريتانيا في دول الساحل وفي موقعها الإستراتيجي والحيوبولوتيكي داخل المنطقة ودور وأهمية مؤسسة الرئاسة في المشهد الوطني .
لا يتبجح غزواني بانتصارته بل ويخفي أي دور له خارج ميدان اختصاصه مثل قضية ولد عبد العزيز .
لم تكن المقابلة مملة رغم طولها وقد ساهم في ذلك جزالة الأجوبة وقصرها ،كما لم يشأ إنهائها وكأنه لا يشعر بأي إحراج حيال الأسئلة الصحفية،وقد ظهر خلال جلسته في الصورة قبالة المحاورة وكأن لم يترك خلفه إشغالات رغم أن ذلك ليس هو الواقع، أو كأنه بصدد أمر مهم ،وهذا لا يعدوا كونه جانبا من أخلاقه .
هكذا وجدتها .
من صفحة الإعلامي محمد محمود ولد بكار