بعد توافق قصير الأمد: بوادر انقلاب لمجلس الدولة الليبي على البرلمان

أربعاء, 16/02/2022 - 21:33

طرابلس – «القدس العربي»: تصريح مفاجئ آخر يخرج من على لسان رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري، ليمثل بمثابة التهديد الصريح والواضح لحالة الوئام والتوافق بينه وبين نظيره مجلس النواب الذين فرقتهم سنوات من الصراع ولم تجمعهم سوى أيام بسيطة ومواضيع محددة.

وفي بيان مقتضب، قال رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، إن ما قام به مجلس النواب من تكليف رئيس للحكومة قبل عقد جلسة رسمية للمجلس الأعلى للدولة غير سليم ولا يساعد على بناء جسور الثقة بين المجلسين.

بيانه المقتضب هذا جاء بعد أن أصدر أكثر من خمسين عضواً في المجلس الأعلى للدولة بياناً بشأن ما صدر عن مجلس النواب في جلسته المنعقدة بتاريخ العاشر من شباط/ فبراير قالوا فيه إن ما صدر عن النواب لا يعد إلا مقترحات إلى حين نقاشها والتصويت عليها بجلسة رسمية ومعلنة بالمجلس الأعلى للدولة.

وتابع الأعضاء أن التعديل الدستوري الثاني عشر، أقر من مجلس النواب قبل عرضه بصيغته النهائية في جلسة رسمية في المجلس الأعلى للدولة .

وأردف الأعضاء أن التعديل الدستوري المقترح جاء مخالفاً للمادة (12) من الاتفاق السياسي والمادة (36) من الإعلان الدستوري بشأن آلية التصويت بالأغلبية الموصوفة وليس المطلقة كما صرح بذلك رئيس مجلس النواب في الجلسة المنقولة على الهواء .

وحسب البيان، فقال الأعضاء إن التعديل الدستوري المقترح جاء متزامناً مع اختيار رئيس الحكومة، ما يعد مخالفاً لما جاء في التفاهمات المبدئية بين فريقي المجلسين موضحين أن بنود التعديل الدستوري المقترح تفتقد لأي ضمانات تنهي المرحلة، وتعد دسترة لتكريس وترحيل الخلاف بين أطرافه، وتمديداً لمرحلة انتقالية أخرى طويلة الأمد .

إلا أن بيان الخمسين عضواً قابله بيان آخر مؤيد لإجراءات البرلمان حمل توقيع أكثر من سبعين عضواً حتى خرج العديد من الموقعين على وسائل الإعلام الليبية مفندين ومؤكدين أنهم لم يوقعوا على أي بيان داعم للبرلمان.

كما عبر الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة عبدالرحمن السويحلي في تغريدة له على تويتر عن تأييده الشديد لبيان الأعضاء الرافضين “لعبث عقيلة-المشري” مؤكداً أن البيان المضاد الداعم لمؤامرة التمديد مزور.

وقي تصريح صحافي قالت عضو المجلس الأعلى للدولة نعيمة الحامي إن هناك مناقشات من الأعضاء الذين وجدوا أسماءهم ببيان داعم لإجراءات النواب دون علمهم بالتوجه بتقديم شكوى لدى النائب العام موضحة أن الأعراض كان على الإجراءات المتخذة بشكل مخالف وليس على أشخاص.

وفي السياق ذاته، أصدرت أسر شهداء بركان الغضب بياناً غاضباً دعوا من خلاله إلى إسقاط مجلس النواب والأعلى للدولة والإسراع في إجراء انتخابات برلمانية في موعد أقصاه شهر حزيران/ يونيو المقبل.

وعلى الصعيد الدولي فقد حظي تصريح للرئيس التركي رجب طيب اردوغان بالانتشار الواسع، حيث قال فيه اردوغان أن تركيا تطمح إلى أن يتم إجراء الانتخابات في ليبيا بأسرع وقت ليكون للشعب الليبي شكل الحكومة الذي يريده ويرغب فيه، واصفاً محاولة إزاحة الدبيبة بالمحزنة.  وتابع اردوغان أن علاقة تركيا بباشاغا تعتبر جيدة، مضيفاً أن المهم هو من سيختار الشعب الليبي وكيف سيفعل ذلك.

وأضاف قائلاً: “إن الأجسام الحالية تتبع منطقاً إدارياً مؤقتاً وإنها حبذت تشكيل حكومة مدتها عام ونصف إلا أن تركيا تجد هذا النهج غير مناسب لليبيا”، موضحاً أنه يجب اتخاذ خيار لائق حتى تكون ليبيا قد اتخذت خطوة طويلة الأمد بفريق إداري قوي في هذه المرحلة.

وقالت نائبة وزير الخارجية الإيطالية، مارينا سيريني، إن هناك حاجة ماسة للاتفاق مع الليبيين على مسار واضح وشفاف وغير طويل، لإجراء الانتخابات.

وذكرت أن تأجيل الانتخابات خلق حالة من عدم اليقين، وأن الوضع في ليبيا مقلق للغاية على الدوام، وخاصة في الوقت الحالي، مشيرة إلى أن بلادها تتابع الوضع هناك عن كثب.

وأكدت سيريني أن تحديد وقت للانتخابات هو الطريقة الوحيدة لمنع زعزعة استقرار ليبيا مرة أخرى إلى مستوى يعيد عقارب الساعة إلى الوراء.

وتابعت أنه في سنوات الأخيرة أصبح هناك عنصر من الاستقرار النسبي مع حكومة تم الاعتراف بها من روما المجتمع الدولي.

وأضافت سيريني أن إجراءات اتخاذ القرار في ليبيا معقدة للغاية، مجددة دعم بلادها لعمل الأمم المتحدة ضمن الخطوط التي وضعت في مسار برلين.

كما أثار تقرير لجريدة “لوفيغارو” الفرنسية، حمل عنوان ليبيا.. رئيسا وزراء يواجهان بعضهما البعض في طرابلس جدلاً وانتشاراً واسعاً.

حيث قال من خلاله دبلوماسي فرنسي رفيع، إن خطر أن نكون أمام ليبيا مقسمة إلى سلطتين، كما هو الحال بين العامين 2014 و2021 يحوم، لكنه يظل غير مرجح، ففي أعقاب تكليف فتحي باشاغا بتشكيل حكومة جديدة، فإن الرئيس الحالي للسلطة التنفيذية عبدالحميد الدبيبة، لديه طموح أيضاً، إذ لن يكتفي أي منهما بلقب دون سلطة، كما فعل عبدالله الثني وهو رئيس الحكومة الموقتة في شرق ليبيا بين العامين 2014 و2021.

ولفت التقرير إلى أن المجتمع الدولي نصّب حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، لكن البرلمان فعل الشيء نفسه ويعتزم مواصلة مسيرته، بدعم من عدة جهات بينها الكرملين بقيادة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.