العاهل المغربي في كلمته أمام قمة بروكسل: للمهاجرين أثر إيجابي على بلدان الاستقبال

جمعة, 18/02/2022 - 18:50

الرباط ـ «القدس العربي»: قال العاهل المغربي محمد السادس: “إن ضمان التعليم وتسريع وتيرة التكوين (التدريب) والتشغيل لفائدة شبابنا، والنهوض بالثقافة، وتنظيم الهجرة وتنقل الأشخاص، يعد رهاناً أساسياً للشراكة بين الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي”.

وفي كلمة ألقاها بالنيابة عنه وزير الخارجية ناصر بوريطة، أمس الجمعة، أمام القمة السادسة للاتحاد الأوروبي والاتحاد الافريقي، المنعقدة في بروكسل، أعرب ملك المغرب عن أمله في أن تشكل النقاشات الجارية حالياً خطوة إيجابية في اتجاه تحقيق ذلك الرهان، لأن الثروة الحقيقية للشراكة بين الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي لا تكمن في التئام 81 دولة، بل في دفعها إلى الانخراط بكل حزم من أجل السلام والاستقرار والرفاه المشترك، أي من أجل مستقبل المواطنين كافة، أفارقةً وأوربيين، وفق الكلمة التي تلقت “القدس العربي” نسخة منها.

وجاء في خطاب العاهل محمد السادس أيضاً: “من الطبيعي أن يخاطب المغرب، بحكم انخراطه في دينامية التاريخ وحرصه على مراعاة متطلبات المصير المشترك، كلاً من إفريقيا التي ينتمي إليها، وأوروبا الشريكة الجارة والمباشرة”.

واستطرد قائلاً: “إن التعليم والثقافة والتكوين (التدريب) المهني والتنقل والهجرة كلها قضايا تشكل مجتمعة أولويات عملنا في المغرب وفي إفريقيا، وفي إطار شراكتنا مع الاتحاد الأوروبي؛ وذلك لأن القاسم المشترك بين كل هذه القضايا هو الشباب الذي يشكل رأسمالنا البشري، والذي ينبغي للشراكة بين القارتين أن تستثمر فيه ومن أجله بما يضمن لها بلوغ أقصى إمكاناتها. ثم لأن هذه القطاعات الكبرى قد تضررت بشكل بالغ من تداعيات الجائحة، وهو ما يتطلب منا مجهوداً مشتركاً واسع النطاق”.

وذكّر بأن 94% من تلاميذ العالم عانوا من إغلاق مؤسساتهم التعليمية في ذروة الجائحة. “لذلك، يتعين علينا تأمين استمرارية التعليم، مع مراعاة السياق الجديد للتحول الرقمي في قطاع التعليم. ويكتسي هذا المطلب العام أهمية حيوية في إفريقيا التي يمثل الأشخاص دون سن العشرين 50% من مجموع سكانها”، يقول العاهل المغربي.

وتابع: “كما أن مدارسنا وجامعاتنا ومؤسساتنا الخاصة بالتكوين المهني، تحتاج على غرار اقتصاداتنا، إلى تحقيق انتعاش قوي من أجل تدارك قرابة 1800 مليار ساعة ضائعة من زمن التعلم. وفضلاً عن ذلك، فإن الثقافة لم تسلم، هي الأخرى، من تداعيات الجائحة، أولاً من الناحية الاقتصادية، ثم من حيث إتاحة الولوج إليها. ففي هذا المجال، كان وقع الجائحة بالغاً، مما يحتم استئناف مختلف أشكال التعاون الثقافي من أجل إعطاء دفعة جديدة لهذا القطاع الذي يعد رافعة حقيقية للتقارب في إفريقيا وفي أوروبا وبين إفريقيا وأوروبا”.

“أما تنقلات المهاجرين ـ يقول ملك المغرب ـ فقد أثبتت الجائحة أن هؤلاء لا يضرّون بالاقتصاد؛ بل إن لهم، على العكس من ذلك، أثراً إيجابياً، سواء على بلدان الاستقبال، التي غالباً ما يشتغلون فيها بصفتهم “عمالاً أساسيين”، أو على بلدانهم الأصلية. ومن ثمَّ يتعين مقاربة هذه القضية، لا بصفتها تحدياً فحسب، بل باعتبارها مصدراً هائلاً للفرص”.

وأكد المغرب، وفق قول ملكه، بصفته رائداً للاتحاد الإفريقي في شأن قضية الهجرة، بأننا “سعينا دوماً إلى تبديد أشكال سوء الفهم التي تحيط بهذا الموضوع. وتلك هي رسالة المرصد الإفريقي للهجرة الذي أنشئ بمبادرة منا، والتي تتمثل في توفير البيانات والمعطيات الموضوعية حول الهجرة، وتوضيح الحقائق، والتوفيق بين مصالح كل من إفريقيا وأوروبا في حال تعارضها، وإحلال منطق العلاقة العضوية بين تنقل الأشخاص والتنمية، محل المنظور الأمني الصرف، انسجاماً مع روح المقاربة الإنسانية لميثاق مراكش”.

وقال: “إن هذه الأهداف الواعدة هي ما ينبغي أن نراعيه في مقاربتنا للشراكة التي ننشدها. فلا إفريقيا ولا أوروبا قادرتان أي منهما على تحقيقها بمعزل عن الأخرى. وبالتالي، فإن لنا مسؤولية مشتركة في هذا الباب تمليها علينا مصالحنا المشتركة”.