غذاء العالم.. قفزة في الأسعار

أحد, 10/04/2022 - 23:25

دبي - وكالات -: ألقت الحرب الروسية الأوكرانية بتداعياتها الخطيرة على كل شيء، إلا أن الأمر المقلق هو تلك الاضطرابات التي باتت تنتشر كالنار في الهشيم بأسواق السلع الأساسية، كون أطراف الصراع بمثابة سلة غذاء لبعض دول العالم، حيث أدت الأزمة إلى قفزة في أسعار الغذاء في العالم.

 

تعد أوكرانيا وروسيا من أكبر خمس دول مصدرة للحبوب في العالم. بحسب بعض التقديرات، لذك يرى الخبراء أن الأمن الغذائي العالمي بات على المحك، حيث تبلغ قيمة التجارة الزراعية العالمية مع هذين البلدين نحو 1.8 تريليون دولار. وبالنظر إلى الأرقام التي نشرتها مؤسسات دولية عديدة، نجد أن أوكرانيا هي رابع أكبر مصدر للقمح وللذرة الصفراء على مستوى العالم، حيث صدرت وحدها 17% من كمية الذرة والشعير التي تم تسويقها للتجارة العالمية في عام 2020، ذهب 40% منها إلى دول عربية، فيما تعتبر روسيا مصدراً رئيسياً للقمح إلى مصر.

 

 

بيانات

 

وقد جاءت تلك البيانات ضمن تقييم سريع أعدته «الأونكتاد» لتأثير الحرب الروسية الأوكرانية على التجارة والتنمية والقضايا المترابطة في مجالات التمويل والتكنولوجيا والاستثمار والتنمية المستدامة. وتؤكد نتائج التقييم التدهور السريع لآفاق الاقتصاد العالمي، في ظل ارتفاع أسعار الغذاء والوقود والأسمدة، وزيادة التقلبات المالية وسحب الاستثمارات من أجل التنمية المستدامة وعمليات إعادة تشكيل سلسلة التوريد العالمية المعقدة، وتزايد تكاليف التجارة.

 

وأشار التقرير إلى أن روسيا وأوكرانيا لاعبان عالميان في أسواق الأغذية الزراعية، إذ تشكلان معاً 53% من التجارة العالمية في زيت دوار الشمس والبذور، و27% من التجارة العالمية في القمح.

 

ومع بدء موسم الزراعة قريباً في أوكرانيا وروسيا، أعرب خبراء أمميون عن القلق من الاضطرابات طويلة الأجل التي سيحدثها النزاع على الغذاء. وفي هذا الصدد، قالت لما فقيه، مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «هيومن رايتس ووتش»: تتطلب سلاسل الغذاء العالمية تضامناً عالمياً في أوقات الأزمات. فدون اتخاذ إجراءات متضافرة لمعالجة إمدادات الغذاء والقدرة على تحمل تكاليفها، فإن النزاع في أوكرانيا يهدد بتعميق أزمة الغذاء في العالم، لا سيما في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

 

وأوضح التقرير أن منطقة البحر الأسود المتأثرة بالأزمة الأوكرانية تقوم بتصدير ما لا يقل عن 12% من السعرات الحرارية الغذائية المتداولة في العالم، حيث تمتلك أوكرانيا ثلث التربة الأكثر خصوبة في العالم وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة «الفاو» التابعة للأمم المتحدة، و45% من صادراتها مرتبطة بالزراعة. كما أن أوكرانيا من بين المصدرين الرئيسيين لزيت عباد الشمس، وبذور اللفت والشعير والذرة والقمح والدواجن في العالم. ويأتي جزء كبير من إنتاج القمح في البلاد من مناطق شرق أوكرانيا حيث يشتد النزاع الحالي.

 

قفزة

 

وقالت الأمم المتحدة إن الحرب في أوكرانيا أدت إلى قفزة هائلة في أسعار الغذاء الشهر الماضي لتسجل رقماً قياسياً جديداً، وأدت الحرب إلى قطع الإمدادات من أكبر مُصدّر لزيت دوّار الشمس، وهو ما يعني ارتفاع تكاليف البدائل أيضاً، بحسب ما ذكر موقع «بي بي سي» على الإنترنت. وتقول الأمم المتحدة: نشرت الحرب في منطقة البحر الأسود صدمات في أسواق الحبوب والزيون النباتية.

 

ويتتبع مؤشر أسعار الغذاء التابع للأمم المتحدة أكثر السلع الغذائية تداولاً، إذ يقيس متوسط أسعار الحبوب والزيوت النباتية ومنتجات الألبان واللحوم والسكر. وبلغت أسعار الغذاء أعلى مستوياتها منذ بدء تسجيلها قبل 60 عاماً، بحسب المؤشر الذي قفز قرابة 13 % في مارس بعد ارتفاع إلى مستوى غير مسبوق في فبراير.

 

وارتفعت أسعار الزيوت النباتية بنسبة 23 % بينما ارتفعت أسعار الحبوب 17 % والسكر 7 % واللحوم 5 %. وبالنسبة لمنتجات الألبان التي كان تأثرها أقل بالحرب فقد ارتفعت بمقدار 3 %. وقبل الحرب، كانت أسعار السلع الغذائية بالفعل عند أعلى مستوياتها منذ عشر سنوات، وذلك بحسب مؤشر الأمم المتحدة، بسبب مشكلات في الحصاد العالمي.

 

تصدير

 

ومما زاد الطين بلة، ما أعلنته شركة الاستشارات الزراعية «إيه.بي.كيه-إنفورم»، حيث قالت مخزونات الذرة الأوكرانية باتت متكدسة بعد أن تأثرت السكك الحديدية التي يتم استخدامها للتصدير عبر الحدود الغربية لأوكرانيا التي اعتادت على شحن معظم سلعها الزراعية عبر موانئ البحر الأسود، ولكن مع اندلاع الحرب على امتداد سواحلها تدافع التجار لنقل المزيد من الحبوب عن طريق السكك الحديدية والتي بدورها توقفت.

 

وقالت شركة الاستشارات في تقرير: واصلت الفوائض الكبيرة في الذرة وارتفاع العرض مقابل الطلب ضغوطها على الأسعار، حيث إن أسعار الذرة عند الطلب مع التسليم من أبريل إلى مايو تراوحت بين 240 و250 دولاراَ للطن للتسليم على الحدود البولندية.

 

ارتفاع الأسعار

 

بدوره، قال جيلبير أنغبو، رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية «إيفاد» التابع للأمم المتحدة، إن الأزمة الأوكرانية تؤدي إلى أزمة غذائية عالمية ذات آثار وخيمة كالجوع والفقر في البلدان النامية، إذ تشير التقديرات إلى أن الأزمة يمكن أن ترفع أسعار الغذاء العالمي بنسبة 20% زيادة عن السابق، لأن روسيا وأوكرانيا لاعبان رئيسيان في النظام الغذائي العالمي. وأضاف أن هذه الحرب تؤدي إلى أزمة غذائية عالمية ذات آثار وخيمة تتمثل بالجوع والفقر في البلدان النامية، وكانت أسعار المواد الغذائية ترتفع بشكل كبير حتى قبل الصراع. كما ارتفعت منذ النصف الثاني من عام 2020 ووصلت إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق في فبراير 2022 بسبب ارتفاع الطلب وزيادة تكاليف المدخلات والنقل وتعطل الموانئ.

 

وتشير التقديرات إلى أن الصراع يمكن أن يرفع أسعار الغذاء العالمي بنسبة 20% زيادة عن السابق، لأن روسيا وأوكرانيا لاعبان رئيسيان في النظام الغذائي العالمي ويعتمد عليهما أكثر من 50 بلداً في 30% من وارداتها من القمح. فروسيا أيضاً أكبر منتج للأسمدة في العالم، حيث تمثل 15% من تجارة الأسمدة النيتروجينية. ويصعد الصراع بشكل متزايد من أسعار الأسمدة التي وصلت بالفعل إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق قبل الصراع، مع عواقب وخيمة على الأمن الغذائي العالمي. وهذه الآثار محسوسة بالفعل في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، حيث تعتمد العديد من البلدان اعتماداً كبيراً على الواردات من أوكرانيا وروسيا، وينتشر الأثر إلى أكثر بلدان العالم ضعفاً، بما في ذلك القرن الأفريقي.