كشف المسؤول السابق في جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسية بيرنار باربييه عن تورط باريس في عمليات تجسس على عدد من الدول في مجال المعلوماتية منذ عام 2009.
ونقلت صحيفة “لوجورنال دو ديمانش”،الفرنسية اليوم السبت، أن الأمر “يتعلق بمخطط رسمي خضع للترخيص المسبق من قبل رئاسة الجمهورية و الحكومة لاستهداف شبكات الاتصالات في عدّة بلدان بينها الجزائر، وبالتالي فالفعل ليس عملاً معزولاً”.
واستندت الصحيفة واسعة الانتشار، في نقلها للفضيحة المدوية إلى شهادة الضابط ،بارنار باربيي، الذي أكد أن الرئاسة الفرنسية أعطت موافقتها للمديرية العامة للأمن الخارجي منذ سنة 2009 لوضع مراكز للالتقاط الاتصالات الدولية بالتجسس على كل الاتصالات الهاتفية والمعلوماتية التي تمر عبر الكوابل البحرية.
وسبق لمواقع إعلامية فرنسية، أن تناولت مخطط تجسس يقوم على زرع باريس شبكة معلوماتية للتجسس على عدّة دول بينهاالجزائر و إيران و إسبانيا و اليونان و ساحل العاج.
و ذكر الضابط السابق بجهاز الاستخبارات الفرنسية، أن ” نظامًا معلوماتيًا متطورًا يتشكل من مجموعة برامج متخصصة في الرصد و الالتقاط يسمى “بابار” تم وضعه خصيصا لمراقبة الاتصالات الدولية التي تمر عبر الكوابل البحرية”.
وشدّد باربيي على “أن كندا هي الدولة الوحيدة التي اكتشفت عملية التجسس الواسعة، و تمكنت من تحديد هوية النظام المعلوماتي “بابار” وأكدت أنه برنامج فرنسي و تم ترخيصه رسمياً و كانت عدّة شركات فرنسية على علم بنظام تشغيل هذا البرنامج حسب ما بلغني من معطيات”.
و أضاف “أن أعمال التجسس لم تكن تستهدف دولة بعينها وإنما تخص عدّة بلدان في العالم من أجل تشديد المراقبة على كل ما يهدّد الأمن القومي الفرنسي”.
وفيما يخص الجزائر، لفت المسؤول الأمني السامي إلى أن “الاستخبارات المضادة للجوسسة، وضعت مراكز التقاط الاتصالات، عند موقع انطلاق شبكة الكوابل البحرية بمرسيليا، جنوب فرنسا، الموصولة بخطي الاتصالات الدولية الجزائريين في مدينة عنابة والجزائر العاصمة ونفس الشيئ تقريبًا تم اتخاذه مع عدّة بلدان من أجل تأمين الحصول على ما يهم الجهاز من معلومات و اتصالات”.
و أشار المصدر إلى أن عملية التجسس كانت تدبرها المديرية الفرنسية العامة للأمن الخارجي، من خلال محطات تنصت سرية موزعة على امتداد السواحل الفرنسية من أجل استنساخ المعطيات التي يتم تداولها في أعماق البحار عن طريق الربط العالمي بالألياف البصرية و ذلك باستقبال اتصالات أكثر من 40 دولة تشمل بالإضافة إلى الجزائر والمغرب و تونس و إيران السعودية و روسيا و العراق و سوريا.
وتقوم حواسيب متطورة مثبتة في المحطات المذكورة باستقبال عشرات الملايين من الرسائل الإلكترونية ورسائل المحمول القصيرة و تبادلات مواقع التواصل الاجتماعي “سكايب” و “واتس اب” و”فيسبوك” قبل فرز اتصالات الأشخاص المعنيين بواسطة أرقام هواتفهم و عناوينهم الإلكترونية.
ورغم تأكيد الضابط أن العملية تدخل في إطار الحرب على “الإرهاب” أي أنها تتعقب اتصالات الشبكات الجهادية، إلا أن الصحيفة الفرنسية لم تستبعد أن التجسس الفرنسي استهدف كذلك رجال دولة و دبلوماسيين خاصة من دول شمال أفريقيا.
وأماط الضابط الفرنسي أيضا اللثام عن اتفاقيات تناولت أعمال التجسس، وتمت بين المخابرات الفرنسية وأجهزة أمن ببلدان أنغلوساكسونية، من بينها المخابرات البريطانية.
وحسب الصحيفة الفرنسية، فإن الكابلات المعنية بالتجسس بمساعدة متعاملي الهاتف، يخص بعضها الولايات المتحدة والهند وجنوب شرق آسيا وغرب إفريقيا.
من جانبها، أوضحت صحيفة “لونوفال أبسيرفاتور” أن قضية التجسس ليست وليدة العهدة الرئاسية لأولاند، وإنما هي مرتبطة بولاية الرئيس السابق نيكولا ساركوزي الذي تمت في عهده هذه الممارسات.
وفي اجتماع شهير، جمع ساركوزي في كانون الثاني/يناير 2008، برئيس وزرائه فرانسوا فيون ومسؤول جهاز الأمن الخارجي بيار بروشان، وبعض مساعديه في قصر الإليزيه، تم تباحث مستقبل المخابرات الفرنسية، التي تواجه صعوبات في التنصت على الاتصالات الجارية عبر العالم.