دول المغرب العربي تواجه تحديات أزمة النيجر

أربعاء, 30/08/2023 - 23:47

تفرض أزمة النيجر المستعرة منذ السادس والعشرين من يوليو الماضي، تحديات واسعة على دول المغرب العربي، بالنظر إلى تداعياتها الأمنية المحتملة، خاصة فيما يتعلق بملف «الهجرة غير الشرعية» نحو أوروبا.

 

تنضم الأزمة الحالية في نيامي إلى مجموعة الأزمات التي تعيشها دول الساحل والصحراء، وتؤثر بدورها على دول المغرب العربي، ومن بينها الأزمات المرتبطة بتنامي نشاط التنظيمات الإرهابية، علاوة على حالة عدم الاستقرار السياسي التي تعيشها بعض دول الساحل والصحراء، فضلاً عن النزاعات الداخلية، وغيرها من الأزمات.

 

يشير المحلل السياسي، الكاتب التونسي، نزار الجليدي، في تصريحات خاصة لـ«البيان»، إلى أن «أي رصاصة تُطلق في النيجر سوف تؤثر على دول المغرب العربي، خاصة تلك التي لها حدود مباشرة مع هذا البلد (ليبيا التي تواجه أوضاعاً مشتعلة، إضافة إلى الجزائر)».

 

ويضيف: «دول المغرب العربي، خاصة ليبيا والجزائر وتونس، تتأثر بشكل مباشر بهذه الأزمة، ولذلك كان الفيتو الجزائري محدداً ومفصلياً عندما رفضت الجزائر أي رصاصة تُطلق في المنطقة (في إشارة لرفض الجزائر أي عمل عسكري في نيامي) لأنها تعرف أنه من ضمن تداعيات أي تدخل عسكري يمكن أن تكون هذه الدول قاطرة لموجات هجرة كبيرة، وإلى حد ما وحتى اللحظة تعاني هذه الدول بالأساس من الهجرات»، لافتاً في الوقت نفسه إلى التهديدات الأمنية المرتبطة بتنامي الحركات الإرهابية في المنطقة بما يثير قلق دول المغرب العربي.

 

حلول

 

وعلى ذلك، فإن دول المنطقة من مصلحتها أن تكون هنالك حلول للأزمة دون تدخل غربي، لأن التدخل الغربي من شأنه أن يدفع بموجات كبيرة من الهجرة وعدم الاستقرار في المنطقة، والدخول في حرب بلا عناوين (حرب مفتوحة).

 

وفي السنوات الأخيرة، كانت النيجر ممراً رئيسياً للاجئين الأفارقة الذين فرّوا من الأزمات التي شهدتها كل من مالي وبوركينا فاسو ونيجيريا تحديداً، بما في ذلك المخاطر المرتبطة بالتنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل، ومع التهديدات الواسعة التي تلف مستقبل نيامي، فإن ذلك البلد الغرب أفريقي مُهدد بأن يشكل بؤرة تهديد حقيقية للمغرب العربي، لا سيما لدولة مثل الجزائر والتي تجمعها حدود تصل إلى ألف كيلو متر مع النيجر.

 

مساعدات

 

وإدراكاً لموقع النيجر كبلد عبور لموجات الهجرة الأفريقية، كان الاتحاد الأوروبي يقدم مساعدات واسعة لنيامي سنوياً، من أجل دعمه في تحسين الأوضاع الاجتماعية بالبلاد والقضاء على الفقر، ونظير الدور الذي يقوم به في مكافحة الهجرة غير الشرعية، من خلال سياسات الرئيس محمد بازوم، وبالتالي فإن الإطاحة بالأخير تشكل هاجساً واسعاً بالنسبة لأوروبا وشركائها في المغرب العربي فيما يخص ملف الهجرة.

 

وبحسب تقديرات ألمانية رسمية، فإن عدد المهاجرين غير الشرعيين عبر النيجر ثم الدول المغاربية وصولاً إلى أوروبا يصل إلى 150 ألف شخص سنوياً.

 

وإلى ذلك، يقول الباحث المغربي في العلاقات الدولية، عطيف محمد، في تصريحات خاصة لـ «البيان» إن منطقة الساحل والصحراء تعرف مجموعة من الأزمات الواسعة، لا سيما فيما يتعلق بالبؤر الإرهابية المتمددة هناك، فضلاً عن حالات عدم الاستقرار السياسي جراء الانقلابات التي شهدتها بعض تلك الدول، وبالتالي فإن ما يحدث في النيجر يضيف إلى جملة تلك الأزمات، وبما يؤثر على الدول المحيطة بها في تلك المنطقة، كذلك الحال بالنسبة لدول المغرب العربي التي تتأثر بدورها بما يجري في هذه المنطقة بشكل أو بآخر.

 

وبخلاف التحديات الأمنية التي تواجهها دول المغرب العربي، والناجمة عن تدهور الأوضاع في الساحل والصحراء وفي ظل انتشار البؤر الإرهابية في هذه المنطقة، يشير عطيف إلى التحديات السياسية المرتبطة بعلاقات دول المغرب العربي بالأنظمة في هذه الدول، بالنظر إلى الموقف من التغيرات في الأنظمة السياسية في الدول التي تشهد انقلابات وأنظمة غير دستورية. ومن بين أبرز التحديات في ذلك الصدد ما يتعلق بتدفقات الهجرة، في ضوء أن النيجر باتت مهددة بالتحول إلى بؤرة مُصدرة للنزوح والهجرة نحو الشمال، حيث ليبيا والجزائر تحديداً. كما يمكن أن تشكل تهديداً لكل من موريتانيا وتونس والمغرب بعد ذلك، من خلال تدفقات موجات النزوح حول المقصد الأوروبي في كل من إيطاليا وإسبانيا.

 

وكالات