إيسلكو ولد أيزيد بيه، و صناعة التوتر (بورتريه)

أربعاء, 07/06/2017 - 18:40

ولد وزير الخارجية الموريتاني الحالي سلكو ولد أحمد إزيد بيه في 10/12/1961 في مدينة آمورج، حيث تلقى تعليمه الابتدائي فيها، و درج مدارج صباه في أسرة فقيرة، مما جعله يعيش طفولة صعبة، لا تزال رواسبها تنام في قراره عقله الباطن. غير أنه كان متميزا بين أترابه بذكاءه الحاد، مما جعله متفوقاً في دراسته.

متزوج و أب لخمسة أطفال.

حصل على شهادة الدكتورا في الرياضيات من جامعة أورلياه بفرنسا سنة 1991. و نال عضوية  المركز الدولي للفيزياء النظرية (ايطاليا) 19970 2002 و مركز الرياضيات في نيس بفرنسا منذ 1998 كما كان مؤسسا ومنسقا وطنيا لشبكة 1999 (EDP) و عضو مؤسسا للرابطة الافريقية (ICTP) مكلفا بشمال افريقيا (المغرب العربي ومصر)، و استاذا للرياضيات في جامعة أبو ظبي.

خلال تنقلاته العلمية بين فرنسا و إيطاليا تزوج ولد أحمد أزيد بيه بفتاة إيطالية رزق منها طفلان غير أن خشونة معاملته لها، جعلها تتقدم للشرطة الفرنسية ببلاغ تتهمه فيه بالاعتداء عليها و على ابنيها بالضرب مما جعله يتعرض لحكم قضائي بتطليقه منها و منعه من الاقتراب من محل إقامتها. و هو ما كان له أثر بالغ السوء في نفسية ولد إيزيد بيه الذي يشتهر لدى العارفين به بالتشنح و حدة الطبع و الغرور…  ليصاب ولد إيزيد بيه  من هول صدمته بمرض “البارانويا” Paranoia.

بدأ إسلكو ولد إيزيد بيه مشواره السياسي بإجراء اتصالات وتنسيقات سرية بأفراد من شباب اليسار الموريتاني الذي كان منفياً لفرنسا خلال فترة حكم الرئيس الموريتاني الأسبق معاوية ولد سيد أحمد الطائع. قبل أن يعود لموريتانيا استاذا في جامعتها فينضم للأغلبية الداعمة لنظام ولد الطائع من خلال انتسابه لحزب الاتحاد من أجل الديمقراطية و الوحدة الذي كانت ترأسه الوزيرة الحالية الناهه بنت مكناس، حين كانت تشغل منصب مكلفة بمهمة في رئاسة الجمهورية خلال تلك الفترة، و هو المنصب الذي شغله إيزيد بيه أيضا خلال فترة رئاسة حمدي ولد مكناس لحزب الاتحاد من أجل الديمقراطية و الوحدة.

بعد الانقلاب على الرئيس الأسبق معاوية ولد سيد أحمد الطائع التحق صاحبنا بحزب تكتل القوى الديمقراطية الذي يرأسه المعارض البارز أحمد ولد داداه، و قد نشط في حملته الانتخابية في آمورج. و بعد وصول الرئيس السابق سيدي ولد الشيخ عبد الله لسدة الحكم كانت المفاجئة أن تم اختياره من بين ثلاثة مرشحين لرئاسة الجامعة، رغم انتسابه لحزب معارض و رغم معارضة وزيرة التعليم حينها نبغوها بنت حابه ولد محمد فال لاختياره لذلك المنصب. و قد تم تفسير الأمر حينها بضغوط مارسها الجنرال ولد عبد العزيز حينها على ولد الشيخ عبد الله.

و قد استمر الخلاف بين ولد إيزيد بيه و وزيرة التعليم بنت حابه حتى إقالتها من منصبها.

خلال توليه لرئاسة الجامعة قام ولد إيزيد بيه بإنشاء خلايا استخباراتية من بين شبابها، كانوا يمطرون المواقع و الصحف الألكترونية بمقالات موقعة بأسماء مستعارة تمجد نظام ولد عبد العزيز و تدافع عنه، و تهاجم رموز معارضته من أحزاب و شخصيات. كما دخل في مواجهة مع المحسوبين في الجامعة على سلفه ولد خباز و على نقابة “الاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا” ذات التوجه الإسلامي، و كان من نتائج سياسته تلك استقبال الرئيس ولد عبد العزيز خلال زيارته للجامعة في 2010 بالحجارة و الهتافات المناوئة له و الداعية لتحييد الحرم الجامعي عن التجاذبات السياسية.

بعدها اندلعت أحداث في الجامعة بين الطلاب الزنوج الموريتانيون و زملائهم ذوي الأصول العربية، سالت فيها دماء، و سقط جرحى و اتهم حينها ولد إيزيد بيه بالتمييز العنصري. من طرف النشطاء الحقوقيين و الحركات الزنجية الموريتانية.

ثم تم تعيين إيسلكو ولد إيزيد بيه مديرا لديون رئيس الجمهورية و قد طبعت علاقاته مع موظفى القصر توترات و تشنجات كبيرة، فدخل في خلافات مع مديرة الديوان المساعدة حينها زينب بنت اعل سالم و قد تمت إقالتها بعد مغاضبتها للقصر بسبب انحياز ولد عبد العزيز لإسلكو في حادثة نشرتها الصحافة الموريتانية في حينها، كما تمت إقالة المستشار القانوني للرئيس عالي ولد جدو بعد خلافه الشهير معه.

بعدها تم تعيين ولد أيزيد بيه وزيرا للتعليم و البحث العلمي، قبل أن يتم تعيينه رئيسا للحزب الحاكم (الاتحاد من أجل الجمهورية) وقد شهدت تلك الفترة خلافات كبيرة داخل الحزب تحدثت عنها الصحافة الموريتانية في حينها، كما أتهم بسوء إدارة الانتخابات الرئاسية الأخيرة في موريتانيا.

خلال تلك الفترة تفاقم خلاف ولد إيزيد بيه مع رئيس الحزب الحالي سيدي محمد ولد محم، و مع إسلاميي الحزب الحاكم، و مع الوزير الأول السابق مولاي ولد محمد لغظف. (يعتبر ولد محم و ولد محمد لغظف و الوزير الأول الحالي يحي ولد حدمين أبرز أعداء ولد إيزيد بيه).

بعد تعيين ولد إيزيد بيه وزيرا للنقل اشتد الخلاف  بينه و بين الوزير الأول يحي ولد حدمين (سلفه على وزارة النقل) بسبب قيام ولد أيزيد بيه بتصفية أصدقاء ولد حدمين من وزارة النقل. و كانت مصادر خاصة قد أكدت أن ولد عبد العزيز كان يفكر في إسلكو أو ولد حدمين للوزارة الأولى بعد تنحية ولد محمد لغظف، غير أن علاقات ولد حدمين مع حاشية ولد عبد العزيز القريبة رجحت كفته. في 09/02/2016 تم تعيين صاحبنا وزيرا للخارجية، و قد شهدت العلاقات الموريتانية الجزائرية بتعيينه تطورا جديداً، حيث يعتبر ولد إيزيد بيه منذ تعيينه مديرا للديوان من دعاة التقارب بين موريتانيا و الجزائر، و تعيد مصادر بالغة الخصوصية كره السيدة الأولى تكيبر بنت أحمد لولد أيزيد بيه، حيث تتشاءم به و تعتبره “نحساً” لما تتهمه به من سعي لإفساد علاقة موريتانيا بالمغرب (الأرض التي تربت و ترعرعت فيها). و من تجليات ذلك االتطيّر من ولد أيزيد بيه أنها منعته من الدخول على ولد عبد العزيز لعيادته في فرنسا خلال إصابته الشهيرة برصاصة في منتجعه بالطّويلة في اكتوبر 2012. و تربط ولد  إيزيد بيه أواصر قربى بالراحل أحمد باب ولد أحمد مسكه (أحد مؤسسي جبهة البوليساريو) و عند وفاة ولد أحمد مسكه في 14 مارس 2016 زار وفد من جبهة البوليساريو موريتانيا للتعزية في وفاته، فاستقبلهم وجهاء العشيرة في منزل الوزير إسلكو ولد إيزيد بيه. وحسب مصادر خاصة جدا فإن تكيبر بنت أحمد لا تخفي تذمرها في مجالسها الخاصة من وزير الخارجية إسلكو ولد أيزيد بيه الذي تتهمه بإستهداف العلاقات الموريتانية المغربية لتوتيرها. خلال فترته مديرا لديوان ولد عبد العزيز أشرف ولد إيزيد بيه على مفاوضات مع تنظيم القاعدة، حيث أوفد صحفياً و شاعراً لشمال مالي فيما ظاهره مهمة إعلامية و باطنه التفاوض على هدنة بين التنظيم و نظام ولد عبد العزيز. كما كان ولد إيزيد بيه خلال إدارته لديوان رئيس الجمهورية صاحب فكرة إقامة مقاطعة “الظهر” و عاصمتها انبيكت لحواش على بعد 160 كليومترا شرقي مدينة النعمه؛ عاصمة ولاية الحوض الشرقي؛ وفي منطقة صحراوية ظلت لسنوات خلت مطافا لشبكات التهريب والعصابات، و قد أصبح نائبها في البرلمان يرب ولد ألمين ولد حمادي (ابن أخت ولد أيزيد بيه). و قد أصبحت  “انبيكت لحواش” عاصمة مقاطعة بلا بلديات.. وبساكنة تقل عن الألفي نسمة. و قد استفادت منها جبهة البوليساريو استفادة كبيرة حيث جعلت منها ملجأ غير معلن.. و لا يستبعد المراقبون أن يكون ذلك هو الغرض الأبرز من إنشائها. و يقف أيزيد بيه أيضا وراء توشيح رجل الأعمال الصحراوي أحمد سالم الملقب “بونتاه” من طرف الرئاسة الموريتانية خلال إدارته للديوان فيها.. و أحمد سالم هو عسكري من جبهة البوليساريو يمارس نشاطات تجارية في ولاية آدرار، و يرتبط بعلاقات وطيدة بولد إيزيد بيه. و مما يتداوله المسؤولون في موريتانيا عن ولد إيزيد بيه أنه يعمد دائما لتسجيل أحاديثه مع من يقابلهم ليسمعها فيما بعد للرئيس ولد عبد العزيز.