الترجمة الكاملة لما نشرته "لو جورنال دي ديمانش" حول بوعماتو وشاربا

اثنين, 29/01/2018 - 22:15

إنه بلد بالكاد يتحدث عنه، موريتانيا ذات الصحراء الشاسعة، الممتدة في شمال غرب إفريقيا، وبساكنتها، التي تناهز 4.3 مليون نسمة، منسية فيما يخص اضطرابات العالم.

 

وتعيش نواكشوط على وقع مواجهات بين النظام، وأحد أثرى رجال الأعمال الموريتانيين، وقد وصل صدى ذلك باريس، عبر منظمة "شاربا"، المهتمة بمكافحة الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان.

 

لدى الرجل حضور بكل القارات، لكن أي دور لعبته "شاربا" ورئيسها المحامي ويليام بوردون، في هذا الصراع؟ تتعدد التساؤلات بعد وضع العدالة الموريتانية يدها على مجموعة كبيرة من الوثائق في ظروف لا تصدق، كما فتحت تحقيقات في القضية.

 

تقرير يتهم الطرف الحاكم

في شهر يوليو نشرت منظمة "شاربا" مذكرة تتضمن محتوى خال من اللبس، تحت عنوان "الفساد في موريتانيا نظام ضخم يتبخر".

 

وتتهم الوثيقة نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز، وتعتبر أن الأوضاع ازدادت سوءا، بالمقارنة مع دراسة سابقة أجرتها المنظمة عام 2013.

 

وقد "بلغ النهب ذروته، حينما كانت البلاد تمر بمرحلة صعبة، جراء تراجع أسعار الحديد، وواصل الجناح الحاكم في اختلاس الموارد".

 

وفي قائمة المستفيدين يوجد أقرباء، ومقربون من محمد ولد عبد العزيز، لكن اسم ولد بوعماتو لم يرد في الصفحات 15 للتقرير.

 

وقد كان رجل الأعمال والمليونير محمد ولد بوعماتو محل اتهام بالفساد من طرف العدالة الموريتانية، وتشتبه العدالة في ولد بوعماتو بأنه اشترى في ربيع 2017 تصويت 32 عضوا بمجلس الشيوخ، من أصل  56، وذلك من أجل إفشال الإصلاحات الدستورية، التي تقدم بها رئيس الدولة، وقد صدرت في حقه مذكرة اعتقال دولية.

 

ويخوض الرجل حربا ضد نظام نواكشوط منذ سنوات، ويندد بالانتهاكات الديمقراطية، ويمول المعارضة، فهل هذا هو السبب في أنه أصبح مستهدفا؟

 

لقد ساهم بوعماتو عام 2009 في أول حملة رئاسية للجنرال محمد ولد عبد العزيز، الذي وصل السلطة عاما قبل ذلك عن طريق انقلاب عسكري.

 

وتشير مذكرة لمصلحة الاستخبارات الفرنسية صادرة شهر أكتوبر 2008، إلى أن بوعماتو "يرتبط ارتباطا وثيقا بالمجلس العسكري الموريتاني، بل إنه مبعوث من طرف المجلس، فهو مكلف بتنسيق الاتصالات في السنغال، والمغرب، وفرنسا" ثم إن الرجلين ينحدران من نفس القبيلة، وتحولا إلى عدوين.

 

وقد غادر ولد بوعماتو البلاد نحو المغرب، وحافظ على حضور هام في اقتصاد موريتانيا، فهو يملك بنكا خاصا، ويبسط اليد على تجارة السجائر الأمريكية، التي تشكل مصدر ثروته.

 

ويعتبر من المانحين بسخاء لمنظمة "شاربا" بشكل سري، حتى وإن ورد ذكر اسم الممول جورج ساروس، واعترف ويليام بوردون بذلك، حيث اعتبره "جزءا من مساعدة يقدمه الرعاة"، لكننا – يضيف بوردون - لم نكن ننتظر ذلك من أجل الاهتمام بموريتانيا.

 

كان دعم رجل الأعمال حصريا على بعثات "شاربا" في إفريقيا، لا في أي مكان ٱخر، وقد اقترب من المحامي ويليام بوردون عام 2013، وعينه للدفاع عن مصالحه في قضية شركة الطيران، "موريتانيا أوريز" في ذلك الوقت.

 

وقد طلب ملفه الشخصي، وملف بعض أعضاء المنظمة، لكن بوردون لا يرى أي شيء يقرب بينهما، في حين أن بوعماتو يمول تحقيقات "شاربا" في بلاده، كما توضح ذلك هذه الرسالة عبر البريد، التي يعود تاريخها لـ23 يناير 2014، وقد كتبها بوردون:

"عزيزي محمد،

أعود إليكم بخصوص مسألة الرسوم (...) إنها لم تعد ترتبط بقضية "موريتانيا أيرويز"، ولكن بالتحقيقات التي أجرتها شاربا بخصوص كينروس "شركة المعادن الكندية، المختصة في التنقيب عن الذهب بموريتانيا" من جهة، ومن جهة أخرى التحقيق في لجنة التحقيق الموريتانية.

فعليك إذا تحويل مبلغين مختلفين لـ"شاربا" كل منهما 50 ألف يورو، أي 100 ألف يورو في المجموع، ولديك الحسابات البنكية المعهودة".

 

ويمكن القول إن هذه القضايا العائلية تزعج نواكشوط، ويتهم المحيط الرئاسي ولد بوعماتو باستغلال "شاربا" كأداة للاستفادة منها، ولارتهانها لصالحه.

 

إن صورة المليونير مختلفة جدا، فهو رجل استفاد من قربه من الأنظمة السابقة، وتوليه هرم اتحاد أرباب العمل المحليين، وهو ما لم يسمح ولد عبد العزيز باستمراره.

 

تحويل الأموال

يبدو السيناريو شديد التقلب، بحيث لا يركز على معطى محدد وثابت، فخلال فصل الربيع الماضي، أوقفت الشرطة مقربا من ولد بوعماتو على الحدود مع السنغال، حيث كان يحاول مغادرة البلاد، وقد فر الرجل على قدميه، وترك سيارته، ووجد الدرك بداخلها جهازي كومبيوتر محمولين، و4 هواتف محمولة، وعددا من الوثائق.

 

وقد تم العثور على 11308 رسالة عبر البريد، تتضمن إصدار أوامر بتحويلات لبوردون، وأحد زملائه، وحركة أموال في المغرب عبر شركة مسجلة بموريتانيا "سوفراما".

 

ويقول ويليام بوردون إن "الملف مزور"، ويتهم الدولة الموريتانية بالقيام بذلك.

 

ويضيف بوردون أن "ولد بوعماتو كثيرا ما ساعد المعار

ضة، والمجتمع المدني باسم سيادة القانون، وعلاوة على ذلك فقد دعم ولد عبد العزيز، واعتبر ذلك عملا وطنيا".

 ثم إن شاربا أعدت تحقيقات عن موريتانيا، التي تعاني فسادا كبيرا".

 

ولكن في نواكشوط يعتبر التحقيق في ملف ولد بوعماتو أكثر مشروعية.

 

نقلا عن صحيفة "لو جورنال دي ديمانش" الفرنسية.

ترجمة وكالة الأخبار.