من سرّب تسجيلات ولد الغزواني؟/ حنفي ولد دهاه

ثلاثاء, 16/04/2019 - 13:06

في الأيام الماضية نشرت ” تقدمي” خبراً عن نية خلية احميده ولد اباه، للتنصت و القرصنة و الاطلاع على عورات المواطنين، تسريب تسجيلات تستهدف مرشحين، كان المصدر قد أكد، متحفظاً على نشر ذلك أن يكون ولد الغزواني أحد ضحايا تلك التسريبات.

البارحة، نفت تسجيلاتٌ الكرى عن عيون الفضوليين، بحديث لولد الغزواني مع فتاة، يبدو من حديثها أنها من الغرائر، قاصرات الطرف، تبدأ لوهلتها الأولى تلمّظ أجساد الرجال.

لك أن تصف التسجيل بما تشاء من انعدام الأخلاق، سواءً تعلق الأمر بإغواء كهل لفتاة في عمر ابنته، و الاستفراد بها بعيداً عن سلطة أبيها الغيور، الذي لا أستبعد أن تصله تسجيلات ابنته، و هو يعدّ عدّته لإنشاء مبادرة تدعم ترشح الجنرال… أو تعلّقَ بعدم مراعاة الوضعية الاجتماعية للفتاة المغرّر بها، و للجنرال نفسه فهو زوج و أبّ قبل أن يكون شخصية عامة، و حياته الخاصة ليس فيها ما يترتب عليه ضررٌ أو نفعٌ عام.

و لكن من سجّل و سرّب هذه المكالمة الخاصة غير خلية احميده ولد اباه، التي لا يملك وسائل التنصت و متابعة المكالمات و تسجيلها غيره.. و هل يمكن لهذا النذل المواظب على كشف عورات المواطنين أن يسجل نزوة الرجل الثاني في الدولة حالاً، و الأول فيها مآلاً، لو لم يتلق أوامر بذلك من رئيسه الأرعن.. فما احميده ولد اباه سوى كلب مأمور، و ذنب الكلب لا يعتدل.

ولكن ما هدفهم من هذا التسريب القذر.؟!

هل أن ولد عبد العزيز يخِز بإبرة صديقه ولد غزواني الذي تم ترشيحه له مُكرهاً على الرضوخ للأمر الواقع، لينبهه على أن “تحت السواهي دواهي”، و أن في جعبته ما يمكّنه من تحطيمه، على الأقل اجتماعياً، فليقّيد غزاله، و ليتقيد بـ “معنى الوفاء”، و ليعُد مطأطيء الرأس لسربه التي حاول أن يشذّ عنه.؟!. مع أن ولد غزواني و إن حاول في مهرجان إعلان ترشحه النأي بنفسه جانباً عن نظام ولد عبد العزيز فإنه ظلّ في جولاته يتغنى بأمجاد و إنجاز “العشرية”، حتى لم نعد نفرّق بينه و صديقه المهرج زيدان.

المؤكد، أن المحيطين بولد عبد العزيز من مقربين و أقارب و عقارب لا يحبون ولد الغزواني إلا كما يحبون الفقر و العمى و البواسير، و أنهم ما كانوا ليضمروا له عداوةَ كاشح، لو لم يلمسوا مثل ذلك من ولد عبد العزيز، فلا شيء يمنعهم إذن من أن يتربصوا الدوائر به، و يتحينوا له الفرص.

و التسجيل المسرّب ليس جديداً، غير أن اختيار الوقت لتسريبه، بعد عودته من رحلة المقاطعات، مع ما في سياق حديثه مع فتاته، عن عودته من جولة مرهقة، لم يكن بريئاً، و إنما الهدف منه دفع سامعه للاعتقاد أن المرشح لم يزل يفكر في أنثييه، حتى و هو يطلب من المواطنين الموريتانيين تحكيمه في مصائرهم.. ففي التسجيل ذكر الجنرال أنه زار أماكن لم يزرها بعد في رحلته الأخيرة.

و لكن ما منتهى الضرر الذي ستلحقه التسريبات بولد الغزواني؟

لا أعتقد أن هنالك في موريتانيا من يجهل أن الرجل زير نساء، و أنهن لو دخلن جحر ضب لدخله عليهن، فهو صريع غوانٍ رُقنَه لدن شبّ حتى شاب.. فما هم بمضيفين شيئاً لدى شعبيته، التي تعمّر مجالسها بأقاصيص نزواته..

إنه ليس بدعاً في السياسيين، ضحايا شبقهم، من امثال كلتتون و موشيه كاتساف و ستروس كان و جورج ترون و دنيس بوبان و ترامب و جو بايدن.

و الحقيقة أن مغامرات المرء و نزواته الجنسية جزء من حياته الخاصة، التي لا علاقة لها بتسيير و تدبير شؤون الحكم، ما دامت لا تؤثر عليها.. مما يعني أن محاسبة الشخصية العامة على حياته الخاصة لا تكون منصفة إلا حين تسحب ذيل ضررها على الشأن العام.

للحاكم، أي حاكم، أن ينزو كتيوس الجبال، ما دام الاقتصاد مزدهراً، و التعليم متقدماً، و الصحة متطورة، و المواطن آمناً في سربه، معافىً في بدنه، عنده قوت يومه.. لا يصادر له رأي، و لا يحظر تعبيرٌ، و لا تهدر طاقة.

الذين يريدون التشهير بولد الغزواني كان عليهم أن يثلبوه بسيئة لا يشتهر به عند العامة، فهذا ما قد يصدم فيه ناخبيه، أما هذه فقد أضرت بمن سرّبوها أكثر مما ستضر به.

و لكن كم كان أداء حملته الإعلامية سيئاً.. فلا تعليق على هذه الفضيحة ببنت شفة، رغم أن دور الحملة الإعلامية لكل مرشح هو التصدي لمثل هذه الهزات بما يمحقها أو يخفف من صدمتها، لا أن تدس رأسها في الرمل كالنعامة عندما يتراءى لها خطر، موقنةً أنه لن يراها ما دامت لا تراه.

ربما، يخدم توقيت هذا التسريب عرضياً حملة المرشح ولد الغزواني، فمن عادات السياسيين في الغرب (حيث السياسة فن، و السياسييون لا تصنعهم الصدف و الحظوظ) أن يثيروا كل ما يمكن أن يثار لهم من فضائح، قبل الحملات الانتخابية، لتتفاعل معها الجماهير، فتخفو ثم تخفى.. و تجد اللجنة الإعلامية فرصة للرد عليها قبل افتتاح الحملة، التي تحين و قد استحال جمر الفضيحة رماداً.

لا يمكن إلا أن نتحسر على حال بلاد يحكمها عزيز و قد يحكمها غزواني.. و أن نسأل الله أن يملّكنا فروجنا، فقد فسر الغزالي قوله تعالي “و من شر غاسق إذا وقب” بالأير إذا قام.. فلا أقام الله لمترشح أيراً.!