القاضي الداه بن عبد القادر: موريتانيا لم تعرف أنظمة سجنية قبل مجيء المستعمر لانتفاء الحاجة إليها (مقابلة)

سبت, 22/05/2021 - 15:42

ماهي المراحل التي مرت بها السجون في موريتانيا؟ وما التنظيمات الإدارية التي شهدتها كل مرحلة؟ وما المهام المحددة لمؤسسات السجون في الجمهورية الإسلامية الموريتانية؟ 

(الأمن والحياة) التقت مدير عام السجون في موريتانيا القاضي الداه ابن عبد القادر الذي بين في مستهل حديثه أن موريتانيا لم تعرف أنظمة سجنية قبل مجيئ المستعمر لانتفاء الحاجة الماسة إليها، وأشار إلى أن تاريخ السجون في موريتانيا يمكنه تقسيمه إلى مرحلتين، أولهما خلال الفترة الإستعمارية وبداية عهد الإستقلال، وثانيهما خلال الفترة الممتدة من سنة 1980 حتى الأن، وفي حديثه عن المرحلة الأولى أرجع القاضي الداه ابن عبد القادر تاريخ السجن في موريتانيا إلى تعميمين صادرين عن الوالي العام الفرنسي لغرب افريقيا وهما على التوالي: التعميم رقم 21 بتاريخ 2/5/1921 ورقم 34 بتاريخ 5/7/1921 والمتعلقان بوضع نظام للسجون في موريتانيا.

 

ويضيف القاضي الداه أن هذين التعميمين لم يكونا مناسبين للواقع الاجتماعي والديني للبلد المسلم سواء ما يتعلق بنظام تشغيل السجناء أوما يتعلق بنظام توزيعهم إلى غير ذلك من المعاملات التي تستنكرها عقيدة الإسلام. وبعد حصول البلد على استقلالها بادرت الدولة إلى مد سيادتها الوطنية وفق مقتضيات التنمية الافتصادية واعادة الثقة إلى الشخصية الوطنية وقيمتها الثقافية والمعنوية والروحية ودمجها بصورة مثمرة ضمن المجتمعات المسلمة العربية.. ألخ.

 

نظام حقيقي

ويضيف الداه، بأنه لم يتم وضع نظام حقيقي للسجون في الجمهورية الإسلامية الموريتانية إلا سنة 1970 وذلك إثر صدور المرسوم القاضي بتنظيم وإدارة ورقابة مؤسسات السجون وكذلك المرسوم المحدد للنظام الداخلي لمؤسسات السجون، وقد تناول المرسوم الأول تنظيم الإدارة الذي نص على أن مهمة الإدارة تتمثل في تأمين تنفيذ الأحكام القضائية ويتألف الطاقم الإداري من الوالي الذي يتولى بدوره رئسة الإدارة بعاصمة الولاية حيث أنه هو الذي يتولى إدارة مؤسسة السجن وتنفيذ القوانين و النظم والتعلميات الوزارية، وممارسة وتحريك الدعوى التأدبيبية ضد العمال التابعين له وهو مسؤول عن سير وأمن وانضباط المؤسسة الداخلية، وتنفيذ طرق مراقبة ومعاملة السجناء، ومسؤول عن حسن سير مؤسسته الإداري والاقتصادي ويساعده في ذلك (المسير) الذين يعين حسب الإمكان من بين كتاب قلم المحكمة وهو مكلف بمسك سجلات الإيداع، مسك بضائع المخازن واللوازم والمنقولات للتنظيم العام المعمول به. وواستلام ودائع المتهمين كما أنه يمسك حسابات الكسب و يحرر استمارة الدفع والمواد الأخرى، ويمسك محاسبة ورشات وأعمال الإدارة المباشرة وبمتابعة تنفيذ بنود وشروط قائمة تعريفات العمالة، ومع ذلك هو مسؤول عن شرعية سجن الأشخاص المحبوسين والإفراج عن السجناء الممكن إطلاق سراحهم وذلك تحت سلطة الوالي.

أما المربون والأطباء، فإنهم يتولون التعليم داخل السجون ومراقبة وإعادة تثقيف السجناء بغية إعادة دمجهم الاجتماعي، ويحظر عليهم أي عمل من شأنه المس من أمن وحسن نظام مؤسسات السجن، كما أن هناك لجنة الرقابة وهي ملكفة برقابة السجن الداخلية فيما يخص صلاحية السكن و الأمن و النظام الغذائي والمصلحة الصحية والعمل والانضباط ومراعاة النظم و التعليم و إصلاح أخلاق السجناء، ولهم أن تبلغ وزير العدل بالملاحظات والإنتقادات والمقترحات التي ترى وجوب صياغتها.  

وتتشكل لجنة الرقابة من: الوالي رئيسا في ولايته، ووكيل الجمهورية عضواً. وقاضي القسم، والمدير الجهوي للعمل الصحي، والمدير الجهوي للتعليم الأساسي أو مدير مدرسة يعين لهذا الخصوص، وشخصيتين من الولاية أو المقاطعة يعينها الوالي أو الحاكم بالنظر إلى العناية التي يوليناها لإصلاح السجناء وإعادة دمجهم، وتجتمع مرة على الأقل كل سنة بدعوة من رئيسها، أما المرسوم الثاني وهو المرسوم رقم 135- 70 الصادر بتاريخ 3 مايو 1970 المحدد للنظام الداخلي للسجون فإنه يتكون من 133 مادة موزعة بين سبعة فصول وتناولت عدة موضوعات 

 

تصنيف السجون والمساجين 

وفي حديثه عن تصنيف السجون والمساجين أوضح القاضي الداه أن المرسوم 153-70 يقسم السجون إلى نوعين الأول يتمثل في السجون التي تستقبل المدانين بصورة نهائية والذين يقضون عقوبة طويلة أو عقوبة أخف. وقد حددتهم المادة 18 بالمدانين بالأشغال الشاقة والمدانين بالسجن مع الأعمال الشاقة والمدانين بالحيس والذين بقى لهم قضاء عقوبة تزيد على ثلاث سنوات أو عدة عقوبات يزيد مجموعها على ثلاث سنوات وكذلك المدانون الذين يقضون عقوبة مقيدة بالنفي والمنفيين بعد انقضاء عقوبتهم الأهلية. 

أما النوع الثاني فهو السجون الي تعتمد برامج إصلاحية وتثقيفية وقد تحددَ نظامها عى أن نظام تدريجي مبني على معاينة سلوك المعنيين أو الجهود التي يبذلونها بغية إعادة دمجهم، وخاصة ما يتعلق بدمج الشباب التقلديين، وهذه السجون يمكن اعتبارها سجونا حديثة والإدارة المركزية بوزارة العدل -مديرية السجون- هي التي تقرر وحدها التحويل داخل هذه المؤسسات وهذا النظام (النظام التدريجي) الذي يحدد النظام الداخلي إجراءاته ويطبق تحت إشراف النيابة العامة الملكفة تطبيق العقوبات.

 

تصنيف السجناء

 وفي حديثه عن تصنيف السجناء أوضح القاضي الداه أن هذا النظام طبقا لما بينته المادة 19 يهدف إلى توزيع مؤسسة السجن إلى أجنحة مناسبة لكل صنف من السجناء، وتصنيف السجناء في الجمهورية الإسلامية الموريتانية يتم على أساس المعايير المعروفة داخل كافة السجون في العالم وهي: السن، والسوابق، الفئة الجنائية، الحالة الصحية، المؤهلات، إمكانية الدمج. والإدارة المركزية هي وحدها المختصة بإجراء هذا التصنيف، الذي يتم بناء على المعلومات التي تقدمها السلطة الإدارية أول القضائية على المساجين، ومن خلال المرسوم 153-70 يمكن تصنيف المساجين على أساس النظام الذي يحكمهم إلى فئتين: الفئة الأولى وتضم المدانين وهم المحكوم عليهم بحكم اكتساب صبغته النهائية، ويستثنى من هذه الفئة المدانون الذين يترتب عليهم قضاء عقوبة ذات طابع سياسي، والمدانون المحكوم عليهم بالإعدام، والمدانون الذين قدموا معارضة أو استئنافا أو تعقيبا.

أما الفئة الثانية: فتضم المتهمين وهم بدون تمييز جميع المعتقلين والواقعين تحت طائلة متابعات جزائية ولم يكونوا محل حكم نهائي سواء كانوا متهمين أو مشتبها فيهم وكذلك الذين تم استثناؤهم من الفئة الأولى وهم يخضعون من حيث الأصل للنظام الإنفرادي، أما بالنسبة للفئات الأخرى فلم يحدد المرسم نظام تواجدهم في السجن إلا أنه يفهم منه أنه نظام الجمع بين السجناء. 

ويشير القاضي الداه إلى أن كافة هذه الفئات تخضع لنفس النظام ونفس قواعد الانضباط داخل السجن باستثناء استفادة المتهمين من المزايا و التسهيلات المتعلقة بمتطلبات دفاعهم.

 

المصدر:

مجلة الأمن والحياة، السجون في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، مج16 العدد 179، سبتمبر 1997

 

نقلاعن  اقلام