الفوضى لا تبني مجتمعا

جمعة, 16/07/2021 - 22:13

حرية التعبير جزء من كرامة الإنسان وتهدف لتحريره من القيود ومنحه فرصة للإدلاء بآرائه ومواقفه لمصلحة المجتمع دون خوف من قتل أو متابعة أو حبس، وبحماية من المجتمع أي من خلال الإلتزام بالدستور والقوانين ،لكن المجتمع فعل ذلك من أجل المصلحة العليا : خاصة تحرير الطاقات والمبادرات والأفكار الخلاقة، وخلق مساحة كبيرة للرأي وللرأي المناقض ،و للنقاش وطرح القضايا والمظالم،و بالتالي هي فرصة لمن لديهم شيء يريدون تقديمه أو الإفصاح عنه ،له أهمية معينة، أو يصب في مصلحة فرد أوجماعة أو مجتمع أو يسلط الضوء على قضايا وأمور مهمة دون المساس بالآخرين وبالذوق العام ،ولذلك لابد من وضع حدود لهذه المساحة، تعبر أيضا عن مصلحة المجتمع وحماية المقدسات (الأمور التي تجتمع الناس حول احترامها وعدم التعرض لها )، وحماية الرموز (الأمور التي عبر المجتمع عن أهميتها بالنسبة له عبر موقف سياسي وطني ) ،وعن الأعراض وعن الحقوق وعن الذوق العام وعن الإنسجام ،لكن الشتم والسب والقذع ليست لها علاقة بحرية التعبير التي يحميها القانون والتي تصب في تبادل وتطوير الآراء والتي يلتزم المجتمع حمايته لمصلحته ،بل هي إضرار بالآخرين .

ثانيا لايوجد شيء نلمسه يسمى الدولة بل هناك رموز ومرجعيات هي التي تمثل الدولة في هيبتها وهي التي تضفي الشرعية على باقي المؤسسات ،وهي التي يجتمع حولها أكثر الأصوات والآراء في المجتمع وترعى بذلك الانسجام،فعندما نتعرض لها بالسخرية أو الإحتقار إنما نتعرض لجزء أساسي من ثقة المجتمع من القواسم المشتركة من الرموز التي هي مخزون لثقتنا لنظامنا العام لشرعية ومشروعية مؤسساتنا .

الرئيس جاء عبر انتخابات عامة ومجهود وطني كبير عبر فيه الشعب عن رأيه بصفة عامة ومنحه ثقة تمثيله وإرادته في كل القضايا ،وبالتالي احترام لدالرئيس لهذا السبب بالذات ،وهذا السبب هو الذي جعل المجتمع ينفق على حراسته قرابة المليار أوقية ،لماذا لاتستمر هذه الحماية له بعد انتهاء مأموريته لأنه لم يعد رئيسا ،ولنفس السبب يجب أن يظل محترما كمركز لثقة المجتمع خلال ممارسه لوظائف،حيث يجب على المجتمع حمايته وعدم تعريضها للإهانة وللسب .

نفس الشيء بالنسبة للعلم والدستور والنشيد والحوزة الترابية ،والطابع التعددي للنظام وغيرها لأن كل ذلك جاء عبر عملية استفاء ومسلسل شاركت فيه أغلبية الشعب ضمن عملية حشد كبيرة وتعبير عن خيار وطني يمثل روح الوطنية وقاعدة الإنسجام و موقف أغلبية الشعب .هذا هو سبب الرمزية ومعناها .ولذلك فهذه الرموز أيضا مشحونة بالمعاني والتجارب ومفعمة بالمشاعر ،وليست مجرد شخص أو مجرد "شرويطة" أو مجرد كلمات ،لقد تم تحميلها كل معاني نضال هذا الشعب وطموحه ومستقبله ومقاربته التاريخية للأحداث وخياراته الإستراتيجية ، فلايجب تركه دون تثمينه وحمايته وصيانته.

الفوضى لا تبني مجتمعا ولا يمكن لأي مجتمع أن يستفيد من حرية التعبير في كنفها.

من صفحة الإعلامي محمد محمود ولد بكار