استضاف المركز الثقافي السوداني ندوة نظمتها الجالية الموريتانية في قطر الخميس الماضي، وتطرق فيها الإعلامي السوداني فوزي بشرى والإعلامي الموريتاني بيبه ولد امهادي للحديث عن تجربتهما.
وابتدر فوزي بشرى حديثه بالعلاقة التاريخية بين الشعبين السوداني والموريتاني، مشيراً إلى أن كلمة موريتاني جديدة على السودانيين الذين يعرفون الشناقيط منذ القدم وتربط بينهما روابط أزلية تظللها المحبة.
وتطرق لعلماء الشناقيط الذين قصدوا السودان في سنوات بعيدة، مؤكدا أنهم نصبوا حلقات للعلم والمعرفة أينما حلوا بأرض السودان. وقال فوزي إنه يستهيب الحديث أمام الموريتانيين لمعرفتهم العميقة باللغة العربية الأمر الذي يجعله يخشى ترصد زلاته.
وأوضح فوزي أنه درس اللغة الإنجليزية في الجامعة؛ إذ وجد نفسه ملماً بكل المقررات التي يطرحها قسم اللغة العربية بالجامعة التي التحق بها، وبالتالي لم يكن أمامه مفر إلا اختيار علم آخر فكانت اللغة الإنجليزية التي درسها عن طريقة المصادفة، وأوضح أنه أدرك بعد سنوات طويلة كما كان هذا مفيدا، فالإلمام بلغات متعددة تفتح أفقاً في النظر والتأمل لأن التفكير لا ينشأ إلا داخل اللغة. وقال: إن إحدى المشكلات التي تواجهنا اليوم عدم إتقان اللغة العربية، ومن هذا الضعف أصاب تفكيرهم علل كثيرة، وأرجعها إلى عدم قدرتهم على الإبانة وليس من ضعف ملكاتهم في التفكير.
وأضاف: أن انصرافه لدراسة اللغة الإنجليزية لم يمنعه من الاستمرار في إتقان اللغة العربية، مشيراً إلى أنه لم يدرس الإعلام الأمر الذي يوضح أن الإعلام ليس مثل الطب والهندسة وغيرها من العلوم التي تتطلب دراسة دقيقة وإنما موضوع أكثر شمولا، وبالتالي يمكن للبعض أن يدرس الإعلام ولا يتأتى له أن يصبح صحافيا جيدا، وعليه فإن العلاقة بين دراسة الإعلام والعمل به ليست علاقة لازمة، وإن كان ذلك لا ينتقص بالضرورة من الجانب الأكاديمي والمعرفي لدراسة الإعلام.
وأفاد بأن تجربته أوضحت له أن الإعلام موهبة بصورة أكبر، لافتا إلى تعدد منافذ الإعلام بين مقروء ومسموع ومرئي وإلكتروني في الفترة الأخيرة، وأوضح أن أول تجربته مع العمل الإعلامي جاءت مع قناة الجزيرة.
ورغم أن تجربة فوزي بدأت مع قناة الجزيرة فإنه صار من ألمع أسمائها؛ إذ اشتهرت تقاريره مثل تقرير فوز أوباما وتنحي مبارك وغيرها من التقارير. وكتبت عنه الصحافة السودانية «فوزي بشرى ذاك الاسم الذي أعاد إلى (التقارير) الإخبارية تجلِّي اللغة وبيان العربية وسحرها الأخّاذ، عندما زاحم بكلماته (الصورة)، وكانت مفردته أكثر إيفاءً وبلاغة من (المشهد المصوَّر). هذا الرجل بالملفحة البيضاء والبشرة السمراء. عندما فاز باراك أوباما برئاسة البيت الأبيض كان تقرير فوزي عن ذلك الفوز أكثر إدهاشاً من فوز أوباما نفسه، وعندما تنحَّى مبارك هرع الناس جلوساً لقناة الجزيرة ليسمعوا تقرير فوزي بشرى. قال مبارك (إنني أعي هذه التطلعات المشروعة للشعب، وأعلم جيداً قدر همومه ومعاناته) كذلك قال زين العابدين من قبل: أفلا يزال في مدرسة القادة والزعماء من لم يفهم الدرس بعد على بساطته). أعجب من هذا الرجل الذي جعل تقاريره الإخبارية في مرتبة واحدة مع (أغداً ألقاك) لكوكب الشرق.. أو إنها كانت مثل (الطير المهاجر) أروع ما كتب صلاح أحمد إبراهيم أجمل ما تغنى محمد وردي. بكل هذه التضاريس والمناخات الدافئة.