من المنتظر أن ينعقد المجلس الأعلى للقضاء يوم غد وسط مزاعم بأن السلطات العليا سوف تعمد، كعادتها، إلى تحويل بعض القضاة وعزل البعض وفق معايير مبنية على العلاقات الشخصية والقرابة والجهة.
ولكي أستبق الأحداث، لن أرضى بأن أفوّت على نفسي فرصة التعليق على هذا الموضوع الحساس الذي ظل في صميم اهتمامات المواطن الموريتاني لأنه يتعلق بعدالته، ومن ثم مستقبل دولة القانون.
إنني أؤكد مجددا أن القضاء الجالس يتمتع، قانونيا، بمبدإ عدم قابلية العزل، ولا يمكن إخضاعه للتحويلات القسرية كما هو شأن الحكام والولاة إلا في حالة الاستقالة الطوعية أو الخطأ الفادح. وإن تكرار مثل هذه الممارسة، الموغلة في الحيف وإهانة القضاة، تعني التوقيع على شهادة وفاة القضاء وما يترتب عنها من عدم إمكانية بناء الدولة والمجتمع، إضافة إلى ما تؤدي إليه من إحباط للمستثمرين ومساس بسمعة وهيبة البلاد.
لقد حان الوقت لتفهم السلطة التنفيذية أن القضاة ليسوا لعبة في يديها، وأن تحويلهم واستبدال بعضهم ببعض حسب الزبونية والمحاباة الأسرية والروابط الجهوية مسألة في منتهى الخطورة على العدالة كممارسة وكمفهوم وكإرادة للتقدم والاستقرار والانفتاح.